أخبار تشاد

الفرانكفونية ومحاربة الثقافات المحلية الإفريقية (تشاد نموذجًا)

noimage

ميدان الفكر والثقافة والهوية، من أهم ميادين الصراع المحتدم بين كثير من دول العالم، وقد برزت المواجهة الفكرية أكثر فأكثر في العصر الحاضر.

ولما كان للغة أثرها البالغ في صياغة التفكير وتشكيل الثقافة، بذل المستعمر الغربي كل ما في وُسعه لعزل اللغة الرسمية للدول الإفريقية المتمثلة في اللغة العربية؛ عن واقعهم وتهميشها في حياتهم، بتعمُّد إقصائها وإشاعة اللهجات العامية محلها، حتى يهيمن الغزو الفكري على اللغة والمعتقد والفكر والسلوك.

ومن سياسة الفرانكفونية فرض نمط فرنسا الفكري والثقافي والسلوكي واللغوي؛ على البلدان التي احتلتها وما تزال لتبقى أثرًا بعد رحيلها عنها شكلاً، وتم لها بعض ذلك؛ ففي كثير من البلدان الإفريقية اللغة الرسمية في الإدارة هي لغة المستعمر، وهو ما يساعد في تذويب الهوية الإفريقية وطمس مكوناتها.

إن الحديث عن الثقافة شغل كثير من المفكرين والباحثين في هذا العصر، ويشتركون فيه جميعًا على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم، وهذه الظاهرة عامة لا يختص بها بلد دون بلد، ولا تتميز بها جماعة دون أخرى، وبقدر ما تدعو هذه الظاهرة إلى الارتياح فإنها تبعث القلق.

جاءت الدراسة تحت عنوان:

الفرانكفونية ومحاربة الثقافات المحلية الإفريقية. (تشاد نموذجًا).

تهدف الدراسة إلى تبيان المخاطر التي تسبِّبها الفرانكفونية في خط سيرها المعادي للثقافات الإفريقية المحلية.

وتتمثل أهمية الدراسة في كونها تتناول قضية الثقافة التي تجسِّد الهوية الإفريقية التي يسعى المستعمر الفرنسي إلى طمسها في مستعمراته القديمة.

واتبعت الدراسة المنهج التحليلي والاستقرائي. وجاءت الدراسة في ثلاثة محاور على النحو التالي:

المحور الأول: تناول تعريف الفرانكفونية، وأسبابها وأهدافها، ومؤسساتها.

وأما المحور الثاني: فيناقش مسألة الثقافة الإفريقية مع التركيز على الثقافة التشادية؛ لأنها نموذج لمنطقة الدراسة.

والمحور الثالث: تناول محاربة الفرانكفونية للثقافات المحلية. دراسة حالة.

ثم الخاتمة والمصادر والمراجع.

أهداف الدراسة:

1) تهدف الدراسة إلى تبيان المخاطر التي تسبِّبها الفرانكفونية في خط سيرها المعادي للثقافات المحلية الإفريقية.

2) إبراز أهم مرتكزات ووسائل الفرانكفونية.

أهمية الدراسة:

1) تكمن أهمية الدراسة في كونها تتناول أهم قضية في إفريقية؛ وهي قضية طمس الهوية(**)الإفريقية.

2) كما تأتي أهمية الدراسة في كونها أتت في الوقت الذي بدأت في أوروبا الانقسامات؛ بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو دليل لانقسام الثقافات الأوروبية التي تسعى من الفرانكفونية لطمس الثقافة والهوية الإفريقية.

أسئلة الدراسة:

1) ما هي الفرانكفونية؟ وما أسباب ودوافع نشأتها؟

2) هل الفرانكفونية تعني الناطقين باللغة الفرنسية فقط؟

3) هل الفرانكفونية خلقتها فرنسا من أجل المحافظة على مستعمراتها القديمة؟

4) تعددت الثقافات الإفريقية وتختلف من إقليم لآخر، فهل وجدت الفرانكفونية في هذا التعدد الثقافي فرصة لمحاربة الثقافات الإفريقية؟

فرضيات الدراسة:

1) الفرانكفونية نظام فرنسي للسيطرة على المستعمرات الفرنسية بعد استقلالها عنها.

2) تهدف الفرانكفونية للتوسُّع في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية.

3) تعدُّد الثقافات الإفريقية لم يكن فرصة لمحاربتها.

منهج الدراسة:

تتبع الدراسة المنهج التحليلي الاستقرائي.

خطة الدراسة:

تأتي الدراسة في ثلاثة محاور، على النحو التالي:

خطة الدراسة

المحور الأول: الفرانكفونية الدوافع والأسباب.

الفرانكفونية: لغة حسبما ترد في المعاجم الفرنسية تعني (الحديث بالفرنسية بطلاقة) غير أنها اصطلاحًا تتخطى عموميات هذا التفسير البياني المقبول، لتدخل في خصوصيات مهام التشكيل الاجتماعي والثقافي للشعوب الناطقة بهذه اللغة.

فكأنها تنتزع لنفسها حقَّ أن تكون وسيلة اتصال كسائر اللغات الإنسانية، وأن تصبح في نفس الوقت غاية لتحقيق أغراض موجهة لخدمة مصالح خارجية، الأمر الذي يهدِّد أمن تلك الشعوب ثقافيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا(1).

ويعود وضع مصطلح الفرانكفونية إلى الجغرافي الفرنسي (أُونسيم روكولو) الذي حدَّده سنة 1880م، بأنه مجموع الأشخاص والبلدان التي تستعمل اللغة الفرنسية في مواضيع عديدة.(2)

أما ثقافيًّا فظل الاهتمام بقضايا الثقافة أمرًا يتصدر جملة الجهود المبذولة في مجال (الفرنسة)، ويأتي في مقدمة الأولويات المتصلة بها باعتبارها هدفًا استراتيجيًّا في حد ذاتها، وأداة ضرورية مباشرة لإنجاح الفرنسة، ومن ثم أعلنت الإدارة الاستعمارية أن إنقاذ إفريقيا تم بفضل اللغة الفرنسية، وأنه لا مستقبل لها إلا في ظل تعميم الفرانكفونية على الجميع، ثم أعلنت بعد ذلك أن نشر تلك اللغة يُعدُّ شرطًا ضروريًّا لأمن المستعمرات واستقرارها(3).

والفرانكفونية تُعنَى في الأساس بتوثيق الروابط الثقافية بين أعضائها والتأكيد على أن اللغة الفرنسية تمثل كتلة عالمية كبيرة تستطيع أن تواجه المد الأنجلوفوني في العالم، ويُضاف إلى البعد الثقافي للفرانكفونية أبعاد أخرى سياسة واقتصادية… ومن ناحية أخرى ظلت الفرانكفونية تتعرض إلى منافسة قوية على المستوى الثقافي من الكومنولث البريطاني الذي يعد المقابل الأنجلوفوني لها(4).

مؤسسات الفرانكفونية:

بعد سنة 1986م عقب أول اجتماع قمة فرانكفونية في باريس بفرنسا، توالت اجتماعات القمم للدول الناطقة باللغة الفرنسية مرة كل سنتين، وفي هذه الاجتماعات تدرس القضايا المُلِحَّة، وتعد برامج لتنفيذها قبل حلول موعد الاجتماع القمة المقبل.

وتكونت مؤسسات وهيئات وجمعيات عديدة حكومية وغير حكومية لخدمة وتحقيق أهداف الفرانكفونية، وتنفيذ البرامج والقرارات المنبثقة عن القمم الفرانكفونية، والهيئات السياسية، ويمكن تلخيص أهم مؤسساتها في:

1- مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية، ويسمى أيضًا القمة الفرانكفونية.

2- مؤتمر وزراء الفرانكفونية: يتكون من وزراء الخارجية؛ والوزراء ذوي الصلة بالفرانكفونية، وهو بمثابة المؤتمر التمهيدي والمتابع لأعمال مؤتمر القمة، كما يشرف على وكالة التعاون الثقافي والتقني.

3- الهيئة الدائمة (الأمانة العامة) للفرانكفونية: تنسق بين مختلف اللجان التي تتكون بعد كل قمة.

4- المجالس والوزارية الدائمة:

– مجلس وزراء التربية (التعليم).

– مجلس وزراء الشباب والرياضة.

5- الجمعية الدولية للبرلمانيين في الدول الناطقة باللغة الفرنسية.

6- وكالة التعاون الثقافي والتقني (المنظمة التي تنسق بين الحكومات)(5).

بالإضافة مؤسسات وجمعيات أخرى.

المحور الثاني: الثقافات الإفريقية (تشاد نموذجًا)

الثقافة: ثقف – ككرم وفرح- ثَقفًا، ثَقَفًا، وثقافة: صار حاذقًا خفيفًا فطنًا، فهو ثَقف وثقف(6).

ويتضح من استقراء معنى (الثقافة) في قواميس اللغة العربية أنها تقيد المعاني التالية: الحذق- والفهم – والفطنة – والذكاء(7).

الثقافة: “مجموعة مكتسبة من الخصائص والصفات، تحدِّد للإنسان نوعًا مميزًا من السلوك يقوم على مجموعة من القيم المثل والمفاهيم، يؤثرها ويتمسك بها ويحرص عليها، وهذه الخصائص والصفات تتوفر لديه، على مرّ العصور والأجيال”.

وذلك نتيجة لتطور عضوي يتلاءم به مع بيئته، ونتيجة لتطور عقلي يكسبه من المهارات الذهنية واليدوية، ما يحقِّق له التفوق والامتياز، ونتيجة لتطور وجداني يحمله على الانفعال بما في الحياة من قبح أو جمال، وما فيها من باطل أو حق، وأيضًا لتطور نفسي يقوي شعوره بالقيم، ويزيد من قدرته على التمييز بين ما هو شر وما هو خير، وما هو خطأ وما هو صواب، ونتيجة لتطور اجتماعي يربطه بسواه في وحدات تتفاوت؛ وتتخذ شكل الأسرة أو القبيلة أو الوطن أو الأمة أو الجنس البشري كله(8).

وتعد ظاهرة تداخل الثقافات ظاهرة تاريخية تتصل بحركة تطور المجتمعات الإنسانية وتقلبها في رحم الزمان، فقلَّ أن تعيش ثقافة ما دونما تأثر بثقافات أخرى، ذلك أن الثقافة في أصلها تعد ظاهرة إنسانية ولما كان وجود الإنسان على ظهر البسيطة يتطلب حركة واتصالات بالآخرين، أتاح هذا فرصًا متعددة للتداخل والتثقف والاتصال، ومن ثَم تبادل المنافع والخبرات والمهارات، فوِحدة الأصل الإنساني الذي خُلِقَ مكرَّمًا مؤهَّلاً لاكتساب المعارف والعلوم والفنون. مهَّدَت منذ بدايات الخلق للتمكين لهذه التدخل والتعارف وقابلية التجانس والتناغم وفقًا للظروف التاريخية والبيئية والجغرافية التي تحيط بالإنسان، دونما اعتبار في هذه المعايير العرق والجنس ولقد أدت حركة التداخل في إفريقيا إلى تكوين قاعدة عريضة من التجانس الاجتماعي والثقافي ساعدت على ديمومة التداخل بين شعوب ومجتمعات القارة المختلفة(9).

وإن الثقافة في كل مكان إنما تولد بعد حضانة طويلة في عالم المشاعر والأفكار للأفراد، وفي السفوح الخصبة للوجدان العام، وتستقي من المناهل الداخلية بشكل مباشر، ومن الخارج بعد الترشيح والتصفية، فتترعرع حتى تصير بعد زمان قد يطول عمقًا مميزًا لطبائع الشعوب ولونًا ظاهرًا لمظاهر حياتها(10).

المحور الثالث: الفرانكفونية ومحاربة الثقافات المحلية (تشاد نموذجًا)

سياسة فرنسا تقتضي امتصاص كل مجموعة مثقفة من سكان تشاد إلى فلك الثقافة الفرنسية كي لا تجعل نفسها بين وجود ثقافتين متباينتين؛ إحداهما عربية إسلامية، والثانية فرنسية نصرانية(11).

وذلك في ظل ما يسمى بسياسة التذويب الثقافي أو الفرنسة والاستيعاب، التي تهدف إلى تذويب السكان الإفريقيين الوطنيين في الوطن الأم (فرنسا)، ثم تستطيع فرنسا امتصاص العناصر في المستعمرات الفرنسية، ويصبحون فرنسيين فكرًا وعملاً، فيصبح تكوينهم وتفكيرهم في مختلف النواحي مشابهًا تمامًا للفرنسيين، ويتطلب ذلك قطع كل صلة للإفريقي بتاريخيه القومي وحضارته الإفريقية والإسلامية، بمختلف مظاهرها ومقوماتها؛ تمهيدًا لإعادة فرض النفوذ الفرنسي خدمةً لمصالحها. ولقد فهمت فرنسا كيف تستثمر لغتها وثقافتها في خدمة مصالحها الاقتصادية والسياسية، فهيَّأت لذلك الوسائل، وانطلق العمل بصفة جدية وبعزم حاد منذ انعقاد المؤتمر الأول للفرانكفونية في قصر فرساي بـ(فرنسا) سنة 1986م. وهو المؤتمر الذي وضع الخطوط الكبرى للأيديولوجية الفرانكفونية وثبتها على أقدام راسخة وأعمدة قوية(12).

وحدد لها المؤسسات والهيئات والجمعيات التي عبرها يتم تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف الرامية إلى طمس الثقافة والهوية الإفريقية الوطنية.

والفرانكفونية بذلك أسلوب أو غطاء اتخذه الفرنسيون مطية لتعزيز جميع أشكال التبعية لفرنسا من قبل شعوب كانت خاضعة للاستعمار خاصةً في إفريقيا؛ نظرًا للإرث الاستعماري الفرنسي فيها من ناحية، وضعف مؤسساتها الثقافية من ناحية أخرى، ولذا أقحم الفرنسيون (الفرانكفونية)، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحتى المساعدات الإنسانية في إفريقيا؛ كثير منها يتم تحت مظلة الفرانكفونية(13).

ويمثل التعليم الناحية العملية التي تميز بها الحكم الاستعماري الفرنسي، في تحقيق ما يطلق عليه (بالفرنسة)، وذلك من خلال محاولة المستعمر الفرنسي نشر الثقافة واللغة الفرنسية والمسيحية والتعليم الكاثوليكي، وإظهار التعليم بالنسبة للإفريقي بأنه مفتاح تفهمه للتكنولوجيا المتقدمة التي مكَّنت الرجل الأبيض الأوروبي من احتلال أرضه والحكم في قارته(14).

عانت تشاد من تأثيرات الغزو الثقافي لها، سواءً أثناء فترة الاستعمار أو بعد الاستقلال في عام 1960م، وذلك من خلال المخططات التنصيرية التي وضعت بإحكام لتفتيت الصلات بين المسلمين، وزيادة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وإتاحة الفرصة لانتشار المسيحية وتقوية شوكتها، وعلى الرغم من أن نسبتهم قليلة حوالي 15% إلا أنهم يشكلون عاملاً قويًّا في تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق المساعدات الخارجية من شركات الاستعمار الأجنبية، ومؤسساته كالبعثات التنصيرية التي تعمل على نشر الثقافة الأوروبية وفلسفتها الحضارية(15).

ومن سياسة الفرانكفونية محاولة الإقصاء الثقافي المكوِّن للهوية؛ من خلال فرض الثقافة الفرنسية، فتم التركيز في البداية على فرض اللغة الفرنسية وتجفيف مصادر الثقافة واللغة العربية، وتبع ذلك غرس مفاهيم الحياة الفرنسية من نظم ومؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية، وذلك بهدف احتواء الإنسان الإفريقي ليصبح كيانه النفسي والثقافي متفرنسًا كالفرنسيين، ومن هنا جاء تحدِّي هذه العملية للثقافة العربية الإسلامية، من خلال تركيزها منذ البداية على المؤسسات الإسلامية(16).

لقد عمدت فرنسا في نشر ثقافتها الاستعمارية التي تعمل على إضعاف الروح المعنوية في الشعب التشادي، على التعليم العلماني المختلط والمناهج الفرنسية، وقتل قيم الاعتماد على النفس فيه، كما سعت إلى نشر روح مادية إجهاضًا للمبادئ وتوطيدًا للاستعمار وآثاره(17).

هناك ظاهرة عامة أكدها الأوروبيون وغيرهم ممن كتبوا عن طبيعة التذويب الثقافي الفرنسي في وسط إفريقيا، وهي التركيز على المؤسسات التي تتولى نشر الثقافة العربية في هذه المناطق. فجان كلود زلتنر (J.G.Zeltiner) لا ينفي أبدًا أن الهدف الأساسي لفرنسا هو إزالة جميع المؤسسات التي هدفها الأساسي نشر الإسلام والثقافة العربية، لكي تحل محلها مؤسسات أخرى فرنسية تتولى نشر المسيحية والثقافة الفرنسية خاصة في المناطق المجاورة لبحيرة تشاد معقل الوجود الإسلامي، وبالفعل شمل التذويب الفرنسي جميع المؤسسات في تشاد، وفرض الفرنسيون ثقافتهم ولغتهم ومفاهيم حياتهم ونظم مؤسساتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الشعب من أجل فرنسته(18).

والواقع أن جهود الإدارة الفرنسية -في عهد الاحتلال- الرامية إلى نشر التعليم في تشاد كانت ضئيلة؛ إذ إن زيادة نسبة التعليم تتم بالطريقة التي ترتبط مع مصالحهم دون اعتبار لمتطلبات الاقتصاد من فئات العمل وأنشطته المختلفة، ورفع المستوى الصحي وتطبيق النظم التي من شأنها أن ترفع مستوى المواطن، فضلاً عن تجاهلها في تثقيف المجتمع ومحو أميته، خوفًا من إيقاظ همم أفراد الشعب وإشعال نيران الثورة على الاستعمار الفرنسي(19).

من جهة أخرى لم يُحْدِث دخول الإسلام وانتشاره في وسط إفريقيا، أيّ خلل في نظام الاتصالات السائد لدى جماعات وسط إفريقيا، بل على العكس عززت تعاليم الإسلام الروح العائلية، وقوّمها وحسّنها ودعّمها بأسانيد إسلامية، باعتبارها أحد مظاهر التعاون والتكامل في الأسرة الإسلامية، وهكذا أبقى الإسلام على التنظيم الاجتماعي الإفريقي فيما يتعلق بعلاقته بشيخه أو ملكه، وأن التعديلات التي دخلت لم تمسّ النظام الاجتماعي نفسه من حيث ولاء الناس لسلاطينهم وملوكهم، ما داموا يتمسكون بتعاليم الإسلام، فظل سكان وسط إفريقيا منهم شعب تشاد تحت راية الثقافة الإسلامية يتمتعون بشكل عام بكل استقلالية في علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، هذا ما جعل الإسلام يدخل هذه المناطق بالطرق السليمة والانسياب الطبيعي، ولكن بمجرد وقوع منطقة وسط إفريقيا تحت السيطرة الفرنسية؛ سعت الإدارة الفرنسية إلى تغيير الولاء القديم؛ لأن سياسة التذويب الفرنسي لا ترى ضرورة وجود زعامات أو تنظيمات تقليدية تقوم بالاتصال بينها وبين السكان، ولذا سعت إلى تحطيمها(20).

وبعد الاحتلال حاولت فرنسا مسح التراث الإسلامي في تشاد، لتُحِلَّ محله ثقافتها الغربية الفرنسية، فنشبَّ صراع بينها وبين المجتمع الإسلامي، وكانت المقاومة للغزو الفكري لا تقل عن المقاومة المسلحة التي تغلب عليها المحتل، ذلك أن الإسلام تمتد جذوره بعمق إلى الماضي البعيد، لذلك ليس من السهل استئصاله كما يظن المحتل الفرنسي.

ومن العوامل المنفِّرة للثقافة الفرنسية وتعاليمها المدرسية: ارتباطها بالنصرانية، وأساليب الاحتلال القائمة على التسلط والقمع والقتل والنهب، والعداء المستمر بين الشعب والمحتل، وغياب الأهداف التربوية الواضحة في العملية التعليمية؛ حيث لا علاقة لسلوك معلميها بأنماط الإسلام، وكانت استراتيجية الفرنسيين وأهدافهم من التعليم تكوين عناصر وسيطة فقط بينهم وبين الشعب عن طريق المدرسة لاستخدامهم كخدم وأدّلاء، ومترجمين وكاتبين على الآلة الكاتبة، ومعلمين للفصول الأولية، وأدرك الشعب ذلك وبدأ بالتحفظ التام والعزوف عن تلك المدارس(21).

كان التكوين الثقافي قبل الاستعمار منسجمًا ومتفقًا مع واقع الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع التشادي، فكان التكوين الثقافي منذ دخول الإسلام وثقافته المجيدة إلى تشاد؛ غرز معطيات جعلته يتماشى مع قيم وحياة المجتمع، وإنزال مبادئ الدين الإسلامي في واقع الحياة اليومية، وحلّ ما يعانيه الفرد والمجتمع من مشكلات؛ فأصبحت المكونات الدينية والحضارية والثقافية عاملاً من عوامل الوحدة والتضامن والتعايش بين أفراد المجتمع التشادي والإفريقي عمومًا(22) .

أدرك المسلمون في تشاد أنهم هم المعنيون بالتصفية بالدرجة الأولى لسيادة الثقافة الإسلامية وتحويلها عبر قرون إلى (ثقافة قومية)، خالصة الوجدان وصارت جزءًا منه، فشرعت مؤسسات التعليم الإسلامي العربي في البلاد في الاستعداد لخوض المعركة القادمة؛ إذ سرعان ما كشفت الإدارة الفرنسية عن نواياها في تصفية مصادر الثقافة الإسلامية في البلاد؛ باعتبار أن هؤلاء الفقهاء والعلماء هم مكمن الخطر للنظام الاستعماري الفرنسي؛ حيث يمثلون قطب الرحى في عمليات الصراع والمقاومة المستمرة للوجود الاستعماري، بعد أن أدرك الجميع ارتباط الاستعمار بالتنصير الذي اتخذته فرنسا شعارًا لتحقيق أهدافها الكلية من الغزو ومبرِّرًا إنسانيًّا للعنف، ومن شواهد ذلك ما حدث في منطقة وداي وكانم وغيرها من استئصال العلماء في مذابح “مذبحة الكبكب” (***) سنة 1917م(23).

ومع ذلك تطورت جهود العلماء في تشاد لمواجهة السياسة الاستعمارية التي حاربت الثقافة الإسلامية واللغة العربية التي كانت هي اللغة الرسمية للبلاد (الممالك الإسلامية) حتى مجيء الاستعمار الذي عمل على طمسها في المجال الرسمي، وجعل الفرنسية هي اللغة الرسمية ولغة التخاطب الحكومي والدولي لتشاد. ولكن يُذْكَر لعلماء تشاد دورهم الفعّال في الحفاظ على الإسلام ولغته، فقاموا بإنشاء المدارس الأهلية لتدريس اللغة العربية والدين الإسلامي صارت الدراسة تعتمد على جهود الأهالي، وظل المعلمون لا يتقاضون أي مقابل مادي(24).

بعد أن علم الفرنسيون بهذا الرفض، فرضوا على شيوخ القبائل والسلاطين إرسال أولادهم إلى المدارس الفرنسية جبرًا، فمنهم من رضي بالواقع وألحق بعض أبنائه بها، ومنهم من أدخل خدمه بحجة أنهم أولاده، ويرجع ذلك الرفض الجماعي إلى خشية الآباء على أولادهم وبناتهم من الانحراف في حالة إدخالهم تلك المدارس، وضياعهم في أكناف النصارى واستئصالهم من أهلهم وذويهم، وصار العامل الرئيسي في الاستغناء عن التعليم الفرنسي هو إقبال الأجيال على حفظ القرآن الكريم أولاً، ثم الانتقال مباشرةً إلى حلقات العلوم الدينية واللغوية، ككتب الأربعين حديثًا النووية، وتفسير الجلالين، والفقه، والسيرة النبوية، والنحو والصرف، التي يقوم بتدريسها العلماء في المنازل والمساجد إلى حين تأسيس بعض المدارس العربية الإسلامية(25). التي تطورت اليوم لتصبح جامعات ومعاهد عليا في تشاد.

لقد قدَّم الإسلام ثقافة إنسانية وبدائل سلوكية متعددة للنهوض بإنسان القارة الإفريقية، وذلك عن طريق التعايش والاختيار دونما إكراه؛ حيث لا إكراه في الدين، فانحاز الفكر التقليدي القديم بدرجات متفاوتة لثورة الإسلام الثقافية التي استهدفت الإنسان وعلاقته بخالقه تعالى وبالموجودات الأخرى في الكون(26).

لذلك شرعت القوات الفرنسية منذ احتلالها لتشاد في إيجاد آلية تضمن بقاء التشاديين حول دائرة من التبعية الكاملة، ومحاولة طمس الهوية والتراث الثقافي، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا عبر إنشاء المدارس التي تضطلع بهذا الدور، لذا أنشأت الإدارة الفرنسية عددًا من المدارس الأولية والإعدادية في أوقات متفرقة في مختلف أرجاء تشاد، كمدرسة “ماو” الأولية التي تعتبر أول مؤسسة للتعليم النظامي الفرنسي في أرض تشاد؛ حيث أسست عام 1911م، ثم ثانوية “جاك مودينا” بمدينة بنقور، التي تعتبر من أبرز المراكز التعليمية في منطقة إفريقيا المركزية الفرنسية بصورة عامة، وفي تشاد على وجه الخصوص، والمدرسة المركزية بـ “فورت – لامي” سنة 1947م، التي درس بها معظم الدفعات الأولى من التلاميذ في حقبة الخمسينيات من القرن العشرين، إلى أن تم تأسيس إعدادية “فليكس إيبوي” سنة 1948م، كما أنشأ القسم الثانوي فيها سنة 1956م، وثانوية (فرانكو- آراب) أي: الإعدادية المزدوجة بمدينة “أبشه” سنة 1957م، كأول مؤسسة تعليمية نظامية رسمية تدرس فيها المقررات باللغتين (العربية والفرنسية) من قبل الإدارة الاستعمارية، وبعد الاستقلال بخمس سنوات افتتح بها القسم الثانوي في العام الدراسي 1964/1965م، وكان الهدف من وراء إنشائها من قبل السلطة الاستعمارية هو صرف طلاب العلم في ذاك الزمان في مملكة وداي عن التعليم الإسلامي، والثقافة الإفريقية العربية المحلية الأصيلة، ورفض الأهالي التعليم الغربي؛ الأمر الذي أزعج السلطة الفرنسية، حيث يتم تجميع معظم طلاب المدارس من مختلف الأقاليم التشادية بغية تعليمهم وتدريبهم بالثانوية المزدوجة بأبشه(27).

إن المدرسة بقدر ما تكون متوجهة نحو الهدف ومتسمة بالعمق تصبح منطلقًا للأمة، بشرط أن تُصهر مكتسباتها في بوتقة الثقافة الذاتية. وإلا فمن البديهي أن المدرسة لن تستطيع حل المشاكل الفردية والاجتماعية، بقدر ما يستمع الوجدان الاجتماعي إلى صوت شيء من برامجها المنسجمة مع الأخلاق العامة وثقافة المجتمع أو الأمة، وأن المجتمع السليم الواعد بمستقبل مشرق يتكون من أفراد سليمين هم منه كالجزء من الكل(28).

فكل مجتمع له فلسفته وثقافته التي يؤمن بها، ويسعى إلى تربية أبنائه على ضوئها؛ إذ تنقل الثقافة عبر أجيال المستقبل من خلال النظام التعليمي ومؤسساته التي تنبع من معتقداته والبيئة المحيطة به من عادات وتقاليد؛ لها مدلولها في الإرث الثقافي، ولكن المستعمر ضرب بثقافة وفلسفة المجتمع الإفريقي عرض الحائط، وركز على فلسفته وثقافته وجعلها المرجعية، ولذلك جعل الفرانكفونية والعلمانية والمادية الجدلية هي مصدر الأهداف لنظمه التعليمي في إفريقيا، وسعى إلى فصل الدين وعزله من حياة الشباب؛ الأمر الذي أوجد فقدان التوازن بين الجانب المادي والجانب الأدبي الروحي عند الشباب الإفريقي، رغم أن الدين الإسلامي يشكل نسبة عالية وسط السكان في تشاد وباقي الدول الإفريقية(29).

ولإقصاء المسلمين عن الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار في تشاد وفرض الفرنسة؛ ركَّزت الإدارة الاستعمارية على تنمية مناطق الجنوب حيث قبائل السارا على حساب قبائل الشمال ذي الثقافة الإسلامية فحصل الجنوب على حوالي 80% من المدارس الابتدائية والثانوية، وفتحت فرنسا بذلك لسكان الجنوب أبواب الوصول إلى مراكز اتصال القرار، ما جعل الشمال المسلم يحسّ مرارة التهميش والظلم، وتندلع شرارة الحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد بعد الاستقلال 1960م(30).

والتذويب الثقافي الفرنسي كان بمستويات مختلفة؛ حيث عانت شعوب وسط إفريقيا التي خضعت للسيطرة الفرنسية في البداية من سياسات التذويب الشامل، أو الاستيعاب الجماعي؛ حيث استهدفت الإدارة الفرنسية من تطبيق هذا النمط من التذويب مسح جميع مظاهر الثقافات الأخرى غير الفرنسية من أذهان الأفارقة، واستمرت فرنسا بسياسة التذويب في مؤسسات الدول الإفريقية عن طريق ارتباطات دستورية ومالية (استعمال عملة الفرنك الفرنسي) وقضائية وإدارية وفكرية (استخدام اللغة الفرنسية، لغة رسمية ينص عليها الدستور في جميع دول وسط إفريقيا)، وهذا النمط من التذويب الفرنسي حركات النهضة المضادة في وسط إفريقيا بشكل تجاوز آثار التذويب(31).

ولقد انتشرت اللغة العربية في تشاد منذ دخول الإسلام، وقيام الممالك الإسلامية في العصور الوسطى؛ حيث أصبحت لغة التعليم الديني وأداة التخاطب والمراسلة والثقافة بين المسلمين، فضلاً عن كونها لغة المعاملات التجارية والمكاتب الحكومية والمراسلات الدولية، ليس فقط عند الممالك التشادية؛ ولكن عند جميع الممالك الإسلامية التي قامت في السودان الأوسط والغربي، وظل هذا الأمر قائمًا حتى عصر الاستعمار الأوروبي الذي قضى عليها وفرض لغته على البلدان – كما أسلفنا- ولم يعد للعربية وجود إلا في المدارس والمعاهد الدينية الخاصة التي ظلت تعلم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المختلفة.

ولعل من أكثر الأدلة على جذور اللغة العربية وأصالتها في منطقة السودان الأوسط رسالة سلطان برنو (عمر بن محمد الأمين الكانمي)، إلى سلطان وداي (محمد علي بن الشريف) بتاريخ عام 1289هـ الموافق عام 1872م، التي كانت تتعلق بمرور الرحالة الألماني (ناختيجال) إلى دارفور، وكذلك رسالة سلطان باقرمي (عبد الرحمن قورنج الثاني) إلى (رابح فضل الله) بتاريخ عام 1307هـ الموافق عام 1889م، التي يعتذر له فيها عن تأخيره لعدم الاتصال به، ويعلن له قدومه لعقد معاهدة صداقة وتعاون بينهما. ومرسوم التمليك والامتياز الذي صدر من سلطان وداي بتاريخ عام 1321هـ الموافق عام 1903م لصالح الشيخ عواضه(32).

وقد عرفت الشعوب الإفريقية كغيرها من دول العالم الثالث، طريق المدارس والجامعات والإرساليات، منذ القرن التاسع عشر وهي دخيلة عليهم؛ وقد عملت تلك المؤسسات طوال تلك السنين على تربية شباب يحملون ثقافة ليس لها قيمة إلا في دورة الحياة المرتبطة بالدول المصدرة لتلك الثقافة، والصفة الأساسية التي تتمتع بها هذه الثقافة هي غربتها التامة عن واقع هؤلاء الشبان، وعن تراثهم الحضاري والثقافي الوطني، وعن حاجات بلادهم الملحة(33). وعلَّق المفكر الفرنسي (جون بول سارتر) على هذا المنحنى بقوله ساخرًا: “سنستقبل في غضون أشهر قليلة من الشباب الإفريقي والآسيوي في أمستردام وباريس ولندن، ويتلقى أولئك الشباب من أدب اللياقة و(والأوتيكت) الاجتماعي وسنفرغهم مكتسباتهم الثقافية القديمة، ثم يرجعون إلى بلادهم لا يتحدثون عن قضاياهم، ولكن يتحدثوا عنا بما نريد من نفوذ في إفريقيا”(34).

وبالنظر إلى ما قاله، نجد أن الفرانكفونية خدمة للدولة الفرنسية في فرض ثقافتها وفلسفتها على الدول الإفريقية؛ بطمس هويتها المتمثلة في ثقافاتها الوطنية.

وبالرغم من إيماننا العميق بأثر الحضارة الإسلامية والثقافية العربية في تشاد قبل حركة الزحف الاستعماري الأوروبي كان لها دور كبير في بناء المجتمع وترابطه، إلا أن هذا الدور قد ضعف وكادت أن تنطمس معالمه بسبب الهجمة الشرسة المعادية للإسلام وثقافته بل للإنسانية، التي حاولت أن تقتلع جذوره من هذا المجتمع، وبذل المستعمر جهودًا كبيرة في سبيل محاربة المكونات الثقافية للمجتمع التشادي، من خلال ما أحدثه من نظام ثقافي وفكري قوي ومؤثر ينطلق من فلسفته الاستعمارية، كفرض اللغة الفرنسية ومحاولات التذويب الثقافي، والمحاربة الشديدة للغة العربية والثقافة الإسلامية والتشكيك في قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف… من أجل تسهيل عملية تغريب المجتمع عن ثقافته وميراثه الحضاري(35).

إلا أن المخلصين من أبناء الوطن الغيورين على وطنهم ودينهم وثقافتهم، رغم كل التحديات، أسَّسوا المدارس العربية الإسلامية بجهود ذاتية وبدعم من الإخوة الأشقاء في مختلف الدول العربية، أن تشق المدارس العربية طريقها، لتصبح جامعات ومعاهد عليا في بلاد، تخرج الشباب من حملة الشهادة الثانوية العربية في تشاد والدول الإفريقية الأخرى، وجامعة الملك فيصل بأنجمينا خير شاهد على ما أقول.

الخاتمة:

إن الفرانكفونية في المعاجم الفرنسية تعني الحديث بالفرنسية بطلاقة؛ إلا أنها في الاصطلاح تتخطى عموميات هذا التعبير، لتدخل في خصوصيات مهام التشكيل الاجتماعي والثقافي للشعوب الإفريقية.

وكأنها تنتزع لنفسها حقَّ أن تكون وسيلة اتصال كسائر اللغات الإنسانية، وفي نفس الوقت تحقق أغراض موجهة لخدمة مصالح الدولة الفرنسية، الأمر الذي يهدد أمن الشعوب في المستعمرات الفرنسية القديمة ثقافيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا.

أما ثقافيا فيظل الاهتمام بقضايا الثقافة أمرًا يتصدر جملة الجهود المبذولة في مجال الفرنسة التي من الأولويات الدولة الفرنسية، باعتبارها هدفًا استراتيجيًّا في حد ذاتها، وأداة ضرورية مباشرة لإنجاح الفرنسة.

والفرانكفونية تُعنَى في الأساس بتوثيق الروابط الثقافية بين أعضائها، والتأكيد على أن اللغة الفرنسية تمثل كتلة عالمية كبيرة تستطيع مجابهة الإنجلوفونية في العالم. وذلك في ما يسمى بسياسة التذويب الثقافي أو الفرنسة والاستيعاب، التي تهدف إلى تذويب السكان الأفارقة في الوطن الأم (فرنسا). ثم تستطيع فرنسا امتصاص العناصر في المستعمرات الفرنسية، ويصبحون فرنسيين فكرًا وعملاً.

ويمثل التعليم الناحية العملية التي تميز بها الحكم الاستعماري الفرنسي في تحقيق ما يطلق عليه الفرنسة، وذلك من خلال محاربة التعليم العربي والثقافة العربية الإسلامية؛ ونشر الثقافة الأوروبية المسيحية واللغة الفرنسية عبر الإرساليات التنصيرية في البلاد الإفريقية.

عانت تشاد كبقية الدول الإفريقية من الغزو الثقافي لها، سواءً في حقبة الاستعمار أو بعد الاستقلال وحتى هذه اللحظة؛ من خلال المخططات التي وُضِعَتْ بإحكام لتفتيت الصلات بين الشعوب الإفريقية، وزيادة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.

ومن سياسة الفرانكفونية محاولة الإقصاء الثقافي المكوِّن للهوية الإفريقية؛ من خلال فرض الثقافة الفرنسية، فتم التركيز في البداية على فرض اللغة الفرنسية، وتجفيف مصادر الثقافات المحلية الإفريقية. واتخذ الفرنسيون في ذلك أبشع الوسائل كقتل العلماء ونفيهم، وتشويه الحضارة والتاريخ الإفريقي.

(قرارات افريقية)

مقالات ذات صلة

إغلاق
إغلاق