أخبار العالمسياحة و سفرشؤون دوليةشؤون سياسية
نحو مستقبل مشرق للعلاقات الصينية الإفريقية
معلوم أن العلاقات الرابطة بين الصين وإفريقيا ليست حديثة، بقدر ماهي علاقات طويلة لها أبعادها التاريخية منذ القدم، وتأكيدا لذلك جاء ملتقى أنخوي الذي أقيم بعاصمة المحافظة خيفي في الفترة من ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤ وحتى ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤، بمشاركة 47 ممثلا من الدول الافريقية، بهدف تعزيز التعاون الصيني الافريقي في المجالات المختلفة، لا سيما الاقتصادية والثقافية والتنموية منها بشكل عام. وهو ما اتضح من خلال حفل الافتتاح الذي ترأسه الممثل الخاص للحكومة الصينية المكلف بالشؤون الافريقية السيد “ليو يوشي”، والذي تناول في كلمته أصالة العلاقات الافريقية الصينية ودورها في تعزيز التعاون القائم بين الطرفين، وآفاق ومستقبل تلك العلاقات التي وصفها بالملحة للجانبين.
ليتعرف الوفد بعدها على جزء من تاريخ الحضارة الصينية عبر زيارة متحف مدينة خيفي حيث تطرقت الزيارة للحضارة الصينية في القدم ونظام البنية التحتية الصينية، والحداثة التي طرأت في البناء الهندسي لهذه الحضارة.
وبما أن الملتقى كان شاملا فقد تابع الوفد الإفريقي العديد من المحاضرات بجانب الزيارات المختلفة، ففي مجال المحاضرات تم تقديم محاضرة بعنوان: بناء مجمع لصناعة المركبات التي تعمل بالطاقة المتجددة في مقاطعة أنخوي، والتي قدمها مدير المواهب وفتح الآفاق لمجموعة صناعة السيارات ذات الطاقة المتجددة بأنخوي السيد “شين شوتونغ”، وركزت المحاضرة على تاريخ صناعة السيارات بالصين، وصولا الى مرحلة التحديث وتطوير والعلاقات التي بنتها الشركات الصينية مع الشركات الأجنبية كفولسفاغين، ومدى مساهمة توأمة العلاقات في تطوير قطاع الإنتاج بالصين، متطرقا أيضا لمراحل الإنتاج والتصدير والقدرة التي تمتلكها الصين في هذا المجال، والتطور الذي طرأ على مراحل الإنتاج وصولا الى مرحلة إنتاج السيارات الهجينة بين الطاقة المتعارف عليها والمتجددة النظيفة، ورؤية مستقبل الإنتاج الصيني للمركبات بمختلف أنواعها.
لتؤكد المناسبة بزيارة الى مجموعة “جاك” لإنتاج المركبات، وهي المجموعة التي تنتج أنواعا مختلفة من المحركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، مع طاقة إنتاجية متنوعة توزع داخل الصين، مع وجود مراكز توزيع عالمية بمختلف القارات بما فيها إفريقيا التي ترتكز على مراكز توزيع عديدة منها ما هو بالجزائر والسنغال ونيجيريا وزامبيا … الخ.
لتقام محاضرة من صنف آخر تحت مسمى الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية الذكية، وتم التعرف من خلالها على مدى تقدم استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز العلاج والرعاية الصحية للمرضى، مع التعرف عن كثب على الأجهزة التي طورتها الصين في هذا المجال. ليقف الوفد بعدها على زيارة مركز خدمة مجتمع فانجشينغ، الذي يعتمد على تقديم الخدمات لمختلف السكان من الخدمات الصحية التقليدية الى الحديثة والرعاية الصحية المتكاملة وبناء القادة.
وكان البناء الحضري والتنمية الخضراء عنوانا آخر لزيارة حديقة لوغانغ بخيفي، حيث تم الوقوف على البناء الحضري بالمدينة من خلال عرض بالمؤثرات الضوئية وصولا للوقوف عن كثب على عروض الحديقة الشاسعة الامتداد والتي تضم حديقة بكين بالإضافة الى حديقة المعارض الدولية وحديقة هانغتشو وحديقة تشونغتشينغ، كأبرز المشاهد التي تابعها الوفد من خلال المجسمات والصور التعريفية التي تحاكي الواقع المعاش ختاما بالمركز الذكي الذي يعرض نظام البنية التحتية الحضرية لمدينة خيفي.
وللتعرف أكثر عن طبيعة الحياة الريفية، حظي الوفد الإفريقي بزيارة إلى قرية داوون ببلدة هواشي بمقاطعة جينزهاي، وهي المنطقة التي زارها الرئيس الصيني شي جينبينغ سابقا، وتعرف الوفد على التاريخ الزراعي للقرية عبر متحفها، قبيل التوجه نحو السد المائي العملاق بشيانغهونغديان، حيث تمت زيارة السد المائي والوقوف على تاريخه وأسس بنائه، مع التعريف بدوره الحضري وأهميته لسكان المنطقة، ودوره كذلك في تجسيد مقولة “المياه الصافية والجبال الخصبة هي ذهب وفضة”، التي تعد في صميم أسلوب التحديث الصيني الصديق للبيئة.
وتمت كذلك زيارة مركز خدمات الابتكار الصيني وتم الوقوف على الأنشطة التي يقدمها المركز في التجارة الحرة ومتابعة محاضرة تحت عنوان: نشأة الصين ودور التجارة الحرة في تطورها. ليحظى المشاركون في ذات المساء بمحاضرة حول تنمية وتحديث إنتاج البذور والزراعة الذكية بأنخوي، قدمها نائب رئيس أكاديمية أنخوي للعلوم الزراعية، والذي تناول آلية إنتاج البذور بالصين والشركات العاملة في المجال مع تصنيف أنواع البذور بالصين والأسواق الرائجة لها. لتسجل في نفس السياق زيارة الى شركة “وينال هاي تيك” للبذور المحدودة، حيث تمت زيارة موقع التعبئة لبذور الأرز والمختبرات المختلفة بالإضافة الى مركز معالجة البذور.
وفي اليوم الختامي للملتقى الذي كان حافلا، تم تقديم ندوة تبادلية حول التعاون بين مقاطعة أنخوي وإفريقيا، شارك فيه مختلف المسؤولين بالمنطقة عن قطاعات مختلفة، وتم عرض التعاون القائم بين أنخوي وإفريقيا في شتى المجالات الصحية والتعليمية بالإضافة للعلاقات التجارية القائمة بين مختلف المؤسسات مع الوقوف على طبيعة تلك العلاقات وما توصلت اليه من نتائج.
ليختتم اليوم بزيارة إلى القرية القديمة السياحية لسانهي، حيث تم التعرف على التراث التاريخي للمزار السياحي بالقرية كما تمت زيارة المتحف والأسواق التقليدية بالقرية ومختلف الأقسام التابعة لها. وبالمجمل كانت الزيارة فرصة كبيرة للوفد الإفريقي الكبير، ليتعرف عن كثب على واقع التطور الذي شهدته الصين بجانب الاستفادة من دراسة الواقع التاريخي، والمراحل التي مرت بها وصولا الى المرحلة الحالية، مع إتاحة الفرصة للتعرف على أوجه التعاون القائم بين الصين وإفريقيا، والفرص المتاحة التي من الممكن أن تكون مصدر إلهام جديد للعلاقات بين الصين وإفريقيا، لا سيما في المجال التجاري الذي تعد صناعة السيارات الحديثة التي تعتمد على استخدام الطاقة الحديثة والمتجددة من أهمها، والخدمات التي تقدمها الصين في المجال التكنولوجي المتقدم كاستخدام الابتكار التكنولوجي في مجال الطب والتعليم، بالإضافة إلى الطب التقليدي والمجال الزراعي
وإنتاج البذور جميعها فرص سانحة ومساعدة في تعزيز التعاون التاريخي القائم بين الصين وإفريقيا، التي تعد في أمس الحاجة إلى تلك الخدمات المتقدمة التي تمتلكها الصين ومع توفر المواد الخام بإفريقيا، سيكون التعاون مفيد للجانبين إذا ما توفرت المنصة والفرص اللازمة لبناء اتفاق تعاوني يسهم في تعزيز وتقوية تلك الروابط التاريخية المتأصلة.