أخبار تشادلوغون الشرقي
الأزمات الإنسانية تلاحق مخيمات اللاجئين والنازحين بجنوب تشاد
مخيم داناماجا.
اختلفت الظروف والوجهة واحدة معاناة جمة يعيشها اللاجئين والنازحين بالمناطق الجنوبية لتشاد حيث شح المياه ونقص الغذاء والأمراض جميعها اجتمعت في آن واحد لتذيقهم مرارة العيش فظروف الحرب لم تكفيهم صدمة ليستيقظوا مجردين من كل ما يملكون ثلاثة مخيمات مرت بها الجولة التي قامت بها منظمة البر للإغاثة والتنمية بتشاد بالتعاون مع جمعية سلسبيل الفرنسية وجريدة أحوال تشاد وقد شملت الجولة مخيمات دهولوا و داناماجا ودوساي مخيمات تضم ما لا يقل عن 28 ألف نسمة من العائدين واللاجئين باختلاف الزمان والمكان لسان الحال واحد معاناة أبسطها الحرمان من الماء والغذاء والدواء.
مدخل مخيم دهولوا
مخيم دهولو الواقع على بعد إثنى عشر كيلومترا عن مدينة غورى أول المخيمات التي حطت به الرحلة رحالها ويعيش به ما لا يقل عن ثلاثة ألف لاجئ ظروفهم المعيشية لا يمكن وصفها رغم تواجد العديد من المرافق منها السوق الذي لا يكاد يتواجد فيه إلا ما ندر من المواد الاستهلاكية اليومية والتي لا يمكن أن يتحصل عليها إلا القلة القليلة من سكان المخيم نظرا للصعوبات المالية.
جانب من سوق مخيم دهولوا يضم مختلف المواد الغذائية وغيرها
رئيس مخيم دهولوا عبد الله غربا
رئيس المخيم عبد الله غربا قال أن المخيم يعاني من مقومات الحياة اليومية في أبسطها نقص المياه والغذاء وأن الدعم المقدم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا يكفي فالدعم المقدم يقدر بمائة فرنك سيفا للفرد الواحد باليوم أي أن الدعم المقدم للفرد الواحد في الشهر يعادل 3000 فرنك سيفا ما يعادل 25 دولارا للفرد الواحد من الأسرة ويتم تقييم هذا المبلغ بالمواد الغذائية وفي الغالب يتم استهلاكها خلال أيام معدودة من الشهر ما البعض للبحث عن العمل في القرى المجاورة ولكن لا وجود لذلك نسبة لانتشار البطالة بتلك القرى.
مضيفا غربا بأن المرض عنصر آخر يهدد الحياة في المخيمات فلا دواء متوفر بالمرافق الصحية ولا أطباء وأن العلاج بمدينة غورى يتطلب المال وهو العنصر الغائب الآخر لدى اللاجئ.
الحاج بشير أحد سكان مخيم داناماجا
الحاج البشير أحد العائدين والمقيم بمخيم داناماجا في حديثه تناول أبرز الاحتياجات التي يحتاجها العائدين واللاجئين معا حيث ذهب إلى القول أن الدعم المقدم لا يفي بالغرض وأن الجهود التي تبذل في الوقت الحاضر لابد من تعزيزها من أجل توفير حياة طبيعية لهم حيث لا وجود للمأوى ولا الغذاء يضاف إلى ذلك إنعدام اللباس مع اشتداد فصل الشتاء يضع ساكني المخيمات في وضع صعب على حد قوله.
الحاج مالي محمد أحد اللاجئين الذين كانوا يملكون المال المتمثل في رؤوس الأبقار التي كان يملكها قبيل اندلاع الحرب هو الآخر تحدث عن حالته في الماضي والتي كانت أفضل بكثير من الآن حيث كان يملك أكثر من ألف رأس من الأبقار ولكنه لم يخرج من إفريقيا الوسطى سوى بعشرة أبقار والآن فقد كل ذلك ليبقى تحت رحمة المساعدات التي تقدم له من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
ولم يكن المال المفقود الوحيد للحاج مالي بل فقد عدد من أبنائه أيضا جراء الحروب وعاد مع ما تبقى منهم ومثل الحاج مالي الكثير بالمخيم بل هناك من عاد من دون أهله ولا يعرف أين مقامهم.
أما عن المشاهد فالحاج مالي قال أن المشاهد التي شاهدها أثناء خروجه لا يمكن وصفها فهناك قتلى إما بالذبح أو الحرق أو التعذيب حتى الموت كلها مشاهد يؤكد رؤيتها بأم عينه وليس مجرد كلام نقله له أشخاص.
بئر بمخيم دهولوا
المخيمات الثلاثة التي شملتها الزيارة اختلفت في الأماكن ولكن تبقى المشاهد ذاتها شح المياه ونقص الغذاء والدواء مشاهد تكررت خلال المقابلات التي أجريت مع مختلف اللاجئين والنازحين الذين كان لسان حالهم واحد.
مسجد مخيم دهولوا
ما هو ملفت للنظر خلال تلك الزيارة هي المرافق العامة التي هي الأخرى حالها ليس بأفضل حال من حال مستخدميها .. فالمسجد الوحيد الذي يتواجد بمخيم دهولوا يعاني من أبسط الاحتياجات فلا فرش جيد للصلاة ولا بئر ماء بالقرب منه من أجل توفير المياه وهو الحال ذاته بمخيم داناماجا ودوسايي.
خلوة لتعليم القرآن الكريم وعلومه بمخيم دهولوا
أما التعليم فرغم توفر المباني المدرسية إلا أن النظام التعليمي يظل ضعيفا داخل المخيمات نسبة لقلة المعلمين ولكن المخرج يتمثل في خروج الأطفال خارج إطار المخيم من أجل البحث عن العلم في رحلة متوسطها تبعد حوالي 5 كيلومترات ما يعني قطع مسافة 10 كيلومترات مشيا على الأقدام يوميا من أجل الوصول إلى المدارس وقلة من يقوم بذلك فهناك أعداد كبيرة محرومة من نعمة التعليم النظامي فاكتفوا بالتعليم الديني المتمثل في قراءة القرآن والأحاديث النبوية الشريفة.
وعلى رأس تلك المشاهد كلها يأتي الوضع الصحي أصعب الأوضاع سوء بتلك المخيمات وهذا ما تناولته فاطمة التي ترعى جدتها التي تجاوزت المائة أعوام بقليل والتي فقط أوصلها سوء التغذية إلى ما هي عليه الآن من سوء للحالة الصحية والوضع ماض في تدهور مستمر.
كل ما ذكر غيض من فيض من الحياة العامة للمخيمات المتواجدة بمحافظة نيا بندي بإقليم لوغون الشرقي ولربما ستسوء الأحوال أكثر مع مرور الأوقات إن لم تتوفر خطة مستقبلية واضحة لإيواء اللاجئين والنازحين معا في القريب العاجل لاسيما مع زيادة سوء الأوضاع الاقتصادية تزامنا مع الأزمات الاقتصادية التي تلاحق الوضع الاقتصادي العام بتشاد.
حسب الكريم محمد سعيد.